رئيس جمهورية طاجيكستان

كلمة فخامة الرئيس إمام علي رحمان رئيس جمهورية طاجيكستان في مراسم افتتاح المؤتمر الدولي الرفيع المستوى حول العقد الدولي للعمل الماء من أجل التنمية المستدامة، 2018-2028م

09:35 20.06.2018 ،مدينة دوشنبه

السادة رؤساء الدول والحكومات،

السادة رؤساء الوفود،

السيدات والسادة،

أرحب بكم جميعاً في مدينة دوشنبه في المؤتمر الدولي الرفيع المستوى حول العقد الدولي للعمل "الماء من أجل التنمية المستدامة، 2018-2028م".

وآمل أنه في ضوء نتائج مؤتمرنا اليوم والذي ينعقد بالتعاون مع منظمة الأمم المتحدة والشركاء الآخرين سيتم اتخاذ خطوات عملية مؤثرة من أجل تنفيذ الأهداف والواجبات المتفق عليها على المستوى الدولي في مجال الموارد المائية.

وإنى على يقين أن مؤتمر اليوم سيوفر فرصاً ملائمة للخروخ بتوصيات محددة حول مواضيع الدورة القادمة للمنتدى السياسي الرفيع المستوى حول التنمية المستدامة والذي سيتناول بالنقاش الهدف السادس الخاص بالموارد المائية.

وبمبادرة من رئيس الجمعية العامة للأمم المتحدة في 22 مارس 2018م – في اليوم العالمي للمياه قمنا سوياً بإطلاق العقد الدولي الجديد الخاص بالمياه.

وأود أن أقدم الشكر والتقدير لمعالي الأمين العام للأمم المتحدة وفريقه على تحضير وإطلاق خطة العمل للعقد والتي من شأنها أن تمثل عاملاً مهماً لعملية تنفيذه.

السيدات والسادة،

إننا ننطلق في تنفيذ العقد الدولي استناداً إلى الخبرة المتميزة والمكتسبة خلال عملية تنفيذ المبادرات العالمية السابقة الخاصة بالمياه.

وفي هذه المسيرة على مدى خمس عشرة سنة قمنا بتعزيز مساعينا المشتركة في إطار تنفيذ هذه المبادرات العالمية مثل "السنة الدولية للمياه العذبة، 2003"، والعقد الدولي "الماء من أجل الحياة، 2005-2015م" و"السنة الدولية للتعاون في مجال المياه، 2013م".

وإن كل هذه المبادرات قدمت إسهامات قيمةً في تعميق فهمنا للدور الفريد للمياه من أجل الحياة على كوكبنا.

كما إنها في الوقت نفسه  ساهمت في تفعيل جذب جميع الأطراف المعنية إلى عملية إدارة الموارد المائية وتنفيذ المشاريع وتوظيف التكنولوجيات الحديثة والابتكارات في هذا المجال.

وأود أن أخص بالذكر دور هذه المبادرات في تنفيذ الأهداف الإنمائية للألفية.

وإن الجهود والمساعي المشتركة في هذا الاتجاه هيأت قاعدة متينة لوضع جدول أعمال جديد للتنمية المستدامة ، حيث تحتل الموارد المائية مكانا مركزيا كعنصر أساسي في هذه العملية.

وفي ذات الوقت الأدلة التالية التي لا تخفى عليكم تشهد على أن صرف المساعي العامة لم يأت بعد بثمار منشودة:

 - هناك أكثر من 800 مليون شخص لا يحصلون على مياه الشرب الآمنة بينما 2.5 مليار من سكان العالم لا يتوفر لديهم أبسط خدمات للصرف الصحي؛

- يموت سنويا ما يقرب من ثلاثمئة ألف طفل دون السن الخامسة بسبب عدم توافر مياه الشرب الآمنة وخدمات الصرف الصحي.

وكل هذا يشير إلى أننا ما زلنا متأخرين إلى حد كبير في التنفيذ العملي للأهداف والغايات المحددة في مجال ضمان توافر مياه الشرب الآمنة وخدمات الصرف الصحي.

وبالإضافة إلى ذلك ، فإن التداعيات السلبية لعملية التغير المناخي تعقد وضع الأعمال الرامية إلى تحقيق الإدارة المستدامة للمياه.

ومن المعروف أن التغير المناخي العالمي يؤثر سلبًا على كميات موارد المياه العذبة وجودتها ، مما يؤدي إلى تعريض بلدان ومناطق مختلفة من العالم لوضع بيئي مثير للقلق.

واليوم يعاني أكثر من ملياري شخص (2 مليار)  في العالم من الشح في المياه.

وفقا لتوقعات الخبراء فإنه بحلول عام 2050 يمكن أن يصل هذا الرقم إلى خمسة مليارات أي ما يعادل حوالي نصف سكان العالم.

في هذا السياق ، تفرض ظاهرة النمو السكاني والحاجة إلى الموارد المائية واجبات شاملة جديدة علينا.

وفي العالم يزداد الطلب على الموارد المائية بوتيرة سريعة، الأمر الذي يؤدي بدوره إلى توتر العلاقات بين قطاعات الاقتصاد.

وإن حدة وتيرة المنافسة على الموارد المائية في ظل ظروف شح المياه من شأنها أن تؤدي إلى عواقب وخيمة حتى داخل بلد واحد.

وهذان العاملان بالذات  وهما التغير المناخي العالمي والنمو السكاني سيحددان الإطر والإمكانيات لخطواتنا.

وإلى جانب هذه العوامل هناك عدد من القضايا الأخرى التي تتطلب اتباع نهج متكامل وتعاون فاعل في مجال المياه.

وتندرج تحت هذه القضايا بشكل عام ترشيد استخدام المياه ، والحد من تلوث المياه، وإعادة استخدامها، وتطوير تكنولوجيات جديدة للحصول على المياه العذبة على نطاق صناعي.

وإن الخبرات المكتسبة تظهر أنه من الصعب إنجاز نتائج مشهودة في مجال استخدام الموارد المائية بين عشية وضحاها.

 فانطلاقاً من هذه التجربة  يهدف العقد الجديد قبل كل شيء إلى إيجاد منصة واسعة لتعزيز وتوسيع الحوار المنتظم والمتعدد الأطراف في مجال  المياه مع التركيز على إجراءات عملية ملموسة.

وتحقيقا لهذه الغاية، نعتزم عقد مؤتمر دولي رفيع المستوى كل سنتين بشأن تنفيذ أهداف العقد وواجباته.

وفي هذا الاتجاه سنواصل تعاوننا مع الدول والمنظمات المختصة في إطار لجنة التوجيه الدولية.

وأود أن أغتنم هذه الفرصة لأعرب عن الشكر والامتنان لجميع أعضاء لجنة التوجيه الدولية الحالية والذين قدموا إسهاما مشهوداً في تحضير مؤتمر اليوم.

كما إننا نعتزم تعزيز العمل في هذا الاتجاه عن طريق إنشاء مركز دولي معني بدعم تنفيذ العقد في مدينة دوشنبه.

وإن عملية إعداد وتفعيل قرار جديد للجمعية العامة للأمم المتحدة حول استعراض منتصف المدة لمسار تنفيذ العقد ستوفر ساحة إضافية لتعاوننا.

ونحن نتطلع إلى دعم شركائنا الفاعل لتبني مشروع القرار الأممي المشار إليه في إطار اجتماعات الدورة الثالثة والسبعين للجمعية العامة للأمم المتحدة.

وفي رأينا إن الجهود والمساعي الرامية إلى إيجاد آليات لدعم تنفيذ العقد ينبغي تعزيزها بالموارد البشرية والمالية والتقنية اللازمة.

 في هذا الصدد أود أن أشير بشكل خاص إلى حقيقة أن قطاع المياه لديه حاجة مالية كبيرة لتنفيذ المشاريع والبرامج ذات الصلة.

ووفقاً لحسابات البنك الدولي ، فإن الاحتياجات المالية السنوية لعملية إنجاز بندين فقط من بنود الهدف السادس للتنمية المستدامة ، وهما توافر مياه الشرب الآمنة وخدمات الصرف الصحي للجميع ستبلغ مئة وأربع عشرة مليار دولار أمريكي.

وفي هذا الصدد ينبغي أن يتم تركيز جهودنا على زيادة جدوى استخدام الموارد المالية المتاحة وإيجاد مصادر جديدة لتمويل القطاعات ذات الصلة بالموارد المائية.

فمن هذا المنطلق فإن توسيع الشراكة بين القطاعين العام والخاص يخلق فرصًا جديدة لجذب استثمارات إضافية إلى قطاع المياه والبنية التحتية الخاصة به.

السيدات والسادة المحترمين،

إن العنصر العابر للحدود للتعاون في مجال المياه يعتبر من القضايا المهمة أيضاً.

والتعاون المثمر والعادل والنافع للأطراف في مجال المياه من شأنه أن يكون حافزاً للتنمية للبلدان التي تربطها أحواض المياه المشتركة.

وإن منطقة آسيا الوسطى حيث يوجد التكوين غير المتساوي للموارد المائية تعد مثالا واضحا للتعاون البناء في مجال المياه.

وهذا الوضع بالإضافة إلى الاحتياجات المختلفة للبلدان في استخدام الموارد المائية من الناحية القطاعية والموسمية  تم تقييمه في الآونة الأخيرة  كعامل للنزاعات والخلافات المحتملة.

ولكن يتضح من الوقت والتجربة أننا تمكنا من إحراز تقدم كبير في حل المشاكل القائمة .

وفي الوقت الراهن تم إيجاد فرص وبنية تحتية جديدة  في المنطقة للتعاون المثمر وتحقيق التنمية في بلداننا.

وبطبيعة الحال لعبت المؤسسات الإقليمية مثل الصندوق الدولي لإنقاذ بحر آرال واللجان ذات الصلة دوراً هاما في إحراز مثل هذه النتيجة .

ومع ذلك نواجه اليوم تحديات وتهديدات جديدة  أكثر من أي وقت مضى تتطلب تضافر الجهود المشتركة وتنسيق العمل.

والمثال البارز لهذه التحديات هو موسم الجفاف في السنة الجارية.

وبسبب شح الأمطار الموسمية تواجه دول المنطقة مستويات منخفضة من المياه  حيث إن تدفق المياه في الأنهار أقل بكثير من متوسط المؤشرات السنوية  وتشير التنبؤات إلى توافر مياه الأنهار خلال موسم التدفق في حدود 60-70 في المائة فقط من حد الاعتدال.

وهذا يتطلب التعاون السليم والتنسيق الوثيق لجهودنا لحل هذه المشاكل الإقليمية.

ومن دواعي الارتياح أن التغيرات التي حدثت في السنوات الأخيرة في المنطقة على الأصعدة السياسية والاقتصادية والاجتماعية والإنسانية والمجالات الأخرى اكتسبت ديناميكية للتطور الإيجابي.

وبطبيعة الحال يخلق هذا الواقع ظروفاً استباقية ضرورية لمواصلة عملية تفعيل التعاون بين الدول والحل المشترك للمشاكل الإقليمية القائمة.

السادة المشاركون،

إن المتابعات  على مدى سنوات طويلة تشهد على زيادة تأثير تغير المناخ على الطبيعة والوضع الاجتماعي  والاقتصادي في طاجيكستان وآسيا الوسطى.

ووفقاً لهذه المشاهدات ازداد متوسط ​​درجة الحرارة السنوية في طاجيكستان على مدى السنوات الستين الماضية بمقدار درجة مئوية واحدة  وزادت ترددات وشدة الظواهر الطبيعية الكارثية الناجمة عن حالات الطقس.

وتحت تأثير هذه العوامل في طاجيكستان تلحق الكوارث الطبيعية المتمثلة في الفيضانات والسيول والانهيالات الأرضية والانهيالات الثلجية خسائر جسيمة بالأهالي واقتصاد البلاد سنويا.

وبالإضافة إلى ذلك  على مدى العقود القليلة الماضية فقدنا ما يقرب من ألف من الأنهار الجليدية الصغيرة والمتوسطة.

من أجل مراقبة هذه العمليات واتخاذ التدابير للتكيف مع عوامل تغير المناخ  أنشأنا هذا العام لدى آكاديمية علوم طاجيكستان مركزا لدراسة الأنهار الجليدية ونتطلع إلى دعم شركائنا في تعزيز قدرات هذا المركز.

وأنا على ثقة أن هذا المركز سيقدم عما قريب مساهمته المنشودة في عملية تخطيط وإدارة الموارد المائية ليس فقط على الصعيد الوطني فحسب بل على المستوى الإقليمي أيضاً.

 واليوم في طاجيكستان حوالي 98 في المئة من الطاقة الكهربائية يتم توليدها  عبر المحطات الكهرومائية.

وقد اتخذت الحكومة التدابير الشاملة لتحقيق التوازن بين إنتاج واستهلاك الطاقة من خلال تحديث محطات الطاقة المائية الموجودة وخلق قدرات جديدة لتوليد الكهرباء فضلا عن إدخال أساليب حديثة لتوفير الطاقة.

وإن خزانات المياه للمحطات الكهرومائية بدورها تساعد على التحكم السليم لتدفق المياه سنوياً وموسمياً لمنع الفيضانات وكذلك تخفيف آثار الجفاف.

واستخدام قدرات طاجيكستان الضخمة من الطاقة المائية بغية إمداد المنطقة بالطاقة النظيفة بيئياً  كواحدة من قواعد تطوير "الاقتصاد الأخضر"، من شأنه أن يسهم بشكل جاد في الحد من انبعاثات الغازات الدفيئة في الغلاف الجوي.

و في هذا السياق أود أن أشير إلى أهمية تنفيذ المشروع الإقليمي كاسا  1000 (CASA 1000) وإعادة ربط شبكة طاجيكستان للطاقة الكهربائية بشبكة الطاقة الموحدة في المنطقة، الأمر الذي يتيح لنا إمكانية إمداد جيراننا القريبين والبعيدين بالطاقة الكهربائية الخضراء.

وإن عملية إمداد السكان بمياه الشرب الآمنة وذات جودة عالية وتوفير خدمات الصرف الصحي تبقي واحدة من الأولويات الهامة في بلادنا.

ولقد بدأنا بالفعل في وضع برنامج جديد لتزويد السكان بمياه الشرب النقية للفترة حتى عام 2030 م.

وهذا البرنامج يتضمن أحد الأهداف الرئيسية للتنمية المستدامة – ضمان توافر مياه الشرب الآمنة وخدمات الصرف الصحي للجميع.

كما أن سياسة الدولة في طاجيكستان في مجال المياه ترمي في الوقت الراهن إلى تسوية القضايا الاجتماعية والاقتصادية الأساسية في المنطقة.

فانطلاقاً من ذلك نحن على استعداد لاستخدام مواردنا الضخمة من مياه الشرب لمصلحة الجميع.

فإن الاستخدام الرشيد للموارد المائية الفريدة لبحيرة ساريز فقط والتي تشكل 17 كيلومتراً مكعباً من المياه يعطي إمكانية الامداد الطويل المدى والمستدام لأهالي منطقتنا بمياه الشرب العالية الجودة.

وفي ختام كلمتي أعرب عن أملي أن مشاركي المؤتمر سيقدمون إسهاماتهم المنشودة في التنفيذ الرشيد لأهداف العقد الجديد مستغلين الفرص الموجودة اليوم للخروج بتوصيات ملموسة وعملية.

أتمنى لجميع الحاضرين العمل البناء والمثمر  ولضيوفنا الكرام طيب الإقامة على أرض طاجيكستان النيّرة والمضيافة .

 

وشكرا لاهتمامكم!

facebook
twitter
 
استمرار
 
استمرار
استمرار
رسالة إلى رئيس جمهورية تاجيكستان
وفقا للمادة 21 من قانون جمهورية طاجيكستان "بشأن طلبات الأفراد والكيانات الاعتبارية"، إذا ما ذكر عنوان اللقب أو الاسم أو الاسم العائلي أو الاسم الكامل أو مكان الإقامة وعنوان موقعه، او قدم خطاء وكذلك دون توقيع، تعتبر مجهولة الهوية ولن تتطرق فيها، و إذا ما لم تكن لديها معلومات عن التحضير لجريمة أو جريمة التي ما ارتكبت فيها.
Image CAPTCHA
الصحافة والإعلام لرئاسة جمهورية طاجيكستان
تلفون/ فاكس.: ٢٢١٢٥٢٠ (٩٩٢٣٧