رئيس جمهورية طاجيكستان

كلمة فخامة الرئيس إمام علي رحمان رئيس جمهورية طاجيكستان في المؤتمر الدولي رفيع المستوى بعنوان "التعاون الدولي والإقليمي في مجال الأمن وإدارة الحدود لمكافحة الإرهاب ومنع تحركات الإرهابيين

10:40 18.10.2022 ،مدينة دوشنبه

معالي مساعد الأمين العام للأمم المتحد،

رؤساء الوفود المحترمين،

السيدات والسادة،

يسعدني أن أرحب بكم جميعًا في أراض طاجيكستان للمشاركة في هذا المؤتمر الدولي المهم، والمخصص لإحدى القضايا الملحة في العالم الحديث.

إن اجتماعنا اليوم هو ثالث حدث رفيع المستوى يتم تنظيمه من قبل حكومة طاجيكستان بالتعاون مع الأمم المتحدة والاتحاد الأوروبي ومنظمة الأمن والتعاون في أوروبا ودولة قطر والمملكة العربية السعودية وشركاء دوليين آخرين في إطار "مسار دوشنبه لمكافحة الإرهاب".

واغتناماً لهذه الفرصة أود أن أعرب عن امتناني لقيادات المنظمات المذكورة والدول الشريكة لدعمهم في عملية تنظيم وعقد المؤتمر.

وأتطلع إلى أن هذا المؤتمر يتناول قضايا الأمن وإدارة الحدود والمقاومة الفعالة للتطرف والإرهاب، ولا سيما منع حركة الإرهابيين عبر الحدود، وسيتمخّض عن قرارات محددة.

الحضور الكريم!

من الواضح للجميع أنه على مدى السنوات الماضية يتّسع نطاق التهديدات والمخاطر الناشئة عن الإرهاب والتطرف بشكل مطرد، وتتسبب هذه الظواهر المدمرة في عواقب وخيمة ، وتكسب أنشطة المنظمات والجماعات الإرهابية والمتطرفة طابعاً متنامياً وعابراً للحدود والأوطان.

وبالإضافة إلى ذلك فإن تداعيات الانتشار السريع لجائحة "كوفيد-19" على مدى العامين الماضيين وتبعاتها زادت من تعقيدات مسار مواجهة هذه التهديدات، كما أنها اخلت بعملية تنفيذ أجندة 2030 وتحقيق أهداف التنمية المستدامة في مختلف مناطق العالم.

والجماعات الإرهابية تستغل مثل هذا الوضع وتوسع الأنشطة المتطرفة وتجذب المزيد من الشباب إليها وتروج وتنفذ الهجمات الإرهابية بما في ذلك عبر استخدام تكنولوجيا المعلومات والاتصالات.

ومن المؤسف أنه بدون إدراك الأهداف الحقيقية للمنظمات والجماعات المتطرفة والإرهابية، فإن بعض وسائل الإعلام توفر منصات لقيادات هذه الجماعات أو تقدم لها فرصًا أخرى لترويج أهدافها.

إن مثل هذه التصرفات، في رأينا ، غير بناءة وتعمل على دعاية وترويج المجموعات غير السليمة في المجتمع الدولي.

كما تجدر الإشارة إلى أن التنظيمات والجماعات المتطرفة والإرهابية تستخدم اليوم قدرات تقنية المعلومات المتقدمة لتحقيق أهدافها المشؤومة، الأمر الذي يجب أن يحظى بالاهتمام والعناية من قبل المسؤولين والخبراء.

وبحسب التحليلات والتوقعات ، فإن مثل هذا الوضع سيستمر في المنطقة وبعض دول العالم في المستقبل، وسيتعزّز وجود وأنشطة "داعش" و"القاعدة".

لذلك ، هناك حاجة لتطوير مناهج مبتكرة جديدة للكفاح المشترك ضد الإرهاب وانتشار الفكر المتطرف والتطرف الديني، بما في ذلك استخدام التقنيات الحديثة.

الحضور الكريم!

إن طاجيكستان كانت قد واجهت في السنوات الأولى من الاستقلال حربًا أهلية مفروضة عليها وعمليات متطرفة وإرهابية واسعة النطاق.

واليوم نعلن بثقة تامة أنه بفضل وحدة الشعب ودعمه والسياسة البناءة للحكومة، نجت البلاد من هاوية تلك المأساة، فبناء على ذلك نحذر المجتمع الدولي من خطورة وعواقب هذه الظاهرة المخربة للغاية.

ولهذا السبب على وجه التحديد ، شاركت طاجيكستان بنشاط في جميع الجهود والتدابير الدولية الرامية إلى استئصال هذه الظواهر غير المرغوب فيها وأصبحت أحد المشاركين النشطين في المجتمع الدولي لمكافحة الإرهاب.

ويسعدنا أن نقول إنه نتيجة للتحسين التدريجي للتشريعات وتنفيذ البرامج والاستراتيجيات الوطنية في البلاد، فقد وضعنا الأساس لسياسة دولة هادفة ومنسقة لمكافحة الإرهاب والتطرف.

وفي إطار تنفيذ الاستراتيجية الوطنية لجمهورية طاجيكستان لمكافحة الإرهاب والتطرف للفترة 2016-2020، تمكنت حكومة البلاد من تحسين آلية منع التطرف والراديكالية والصعود بدور التعليم والمجتمع المدني، وذلك فضلاً عن إنجازات مشهودة أخرى.

لقد أدى التنفيذ الناجح لهذه الوثيقة إلى خلق أساس موات لتطوير واعتماد استراتيجية جديدة للفترة 2021-2025.

وحالياً تم إنشاء أمانة خاصة لتنفيذ هذه الاستراتيجية، كما أن هناك منصة تعمل على تفعيل التعاون بين مؤسسات الدولة المعنية بتنفيذها والمنظمات الدولية والمؤسسات الأهلية والمجتمع المدني.

ونتيجة للتدابير المحددة التي اتخذتها حكومة طاجيكستان، تمت إعادة أكثر من أربعمائة (400) شخص من مواطني البلاد، ومعظمهم من النساء والأطفال من سوريا والعراق، وكذلك أكثر من خمسة آلاف طالب طاجيكي من مؤسسات تعليمية دينية من دول أجنبية إلى الوطن، وذلك بهدف منعهم من الالتحاق بجماعات إرهابية ومتطرفة.

واليوم ، يتم اتخاذ تدابير فعالة لإعادة تأهيلهم وانداجهم، حيث إن تعاون شركاء التنمية يظهر في هذه العملية.

السيدات والسادة!

لقد أكدنا مرارًا وتكرارًا أن طاجيكستان تقف على خط المواجهة الأول في الحرب على التطرف والإرهاب، وأنها لا تحمي المنطقة فحسب ، بل تحمي أيضًا الأراضي الواقعة خارجها من العواقب الوخيمة لهذه الظواهر.

ومع الأخذ في الاعتبار الوضع المعقد في المنطقة، تولي حكومة طاجيكستان اهتمامًا خاصًا للتعزيز المستمر لحماية حدود الدولة وتتخذ التدابير اللازمة لمنع نقل المقاتلين الإرهابيين عبر الحدود والاتجار بالمخدرات والأسلحة والجرائم الأخرى العابرة للحدود.

ومن أجل تحسين عملية حماية حدود الدولة، اعتمدنا في عام 2010 "الاستراتيجية الوطنية لإدارة الحدود" وخطة عمل لهذه الإستراتيجية لإصلاح نظام أمن الحدود للفترة حتى عام 2025 بمساعدة الشركاء الدوليين.

وتجدر الإشارة إلى أن نقل المقاتلين الإرهابيين في الوقت الراهن من مناطق الشرق الأوسط المنكوبة إلى مناطق أخرى، وفي هذا السياق تعزيز مكانة المنظمات الإرهابية الدولية في أفغانستان يشكل تهديدًا خطيرًا على دول منطقة آسيا الوسطى.

وإن فرض الأفكار المتطرفة على عقول الشباب ووجود ما يسمى بـ "الخلايا النائمة" للمتطرفين والإرهابيين الدوليين من الأمور التي تمثل التهديدات الخطيرة لأمن المنطقة.

وللأسف حتى  الآن في أجزاء معينة من العالم يتم تبرير الإرهاب بأشكال مختلفة وتحت شعارات الفكر المتطرف، ويتم فرضه ترويجه على عقول ووعي فئات بعينها.

وبعبارة أخرى ، فإن الحركات الإرهابية تتبنّى عملية استهداف واستقطاب وإعداد نفسي وجسدي.

ولضمان أمن المنطقة والعالم فإن الوقاية المنتظمة من مثل هذه العملية وعواقبها المأساوية تعتبر من التدابير الضرورية.

ونأمل أن تعمل دول العالم من خلال التضامن على محاربة هذه الظواهر غير المرغوب فيها وأن تنجح في منع حركة الإرهابيين ونقلهم من منطقة إلى أخرى وفهم العوامل المحرضة للإرهاب وكذلك في تبنّي موقف موحد حيال مفاهيم التطرف والإرهاب.

المشاركون الأعزاء!

إن الجماعات الإرهابية تواصل جهودها لعبور الحدود في المناطق النائية التي تعاني من مشاكل جغرافية ومناخية.

 ومع الأخذ في الاعتبار الوضع الأمني ​​الحالي ، يجب على المجتمع الدولي أن يفهم أن التطرف والإرهاب بكل مظاهرهما القبيحة لا علاقة لهما بالقومية أو الدين أو المذهب أو الجنسية.

وفي هذا الصدد ، يجب الإدراك بأن التعاون البناء من جانب المجتمع الدولي هو السبيل الرئيسي للنضال بفعالية من أجل القضاء على مشكلة الإرهاب.

وصحيح أن دول العالم نسقت عملية مكافحة الإرهاب والتطرف، وبمبادرة من المنظمات الإقليمية والدولية قامت بالكثير من العمل لإنشاء الإطار القانوني المناسب.

ومع ذلك وكما أظهر الوقت فهي غير كافية للرد بشكل مناسب على جميع التهديدات الإرهابية القائمة.

وكما ورد في تقارير وكالات الأمم المتحدة ذات الصلة فقد نشأ هذا الوضع بسبب حقيقة أنه خلال التقييم القانوني والمصطلحي لهذه الظاهرة الخطيرة لم يكن هناك نهج موحد وتفاهم متبادل ضروري بين الدول.

فانطلاقا من ذلك، طالما أن جميع الفاعلين الدوليين لا يعتمدون مفاهيم محددة للإرهاب والتطرف ونُهج موحدة لمكافحتهما، فسيكون من المستحيل عمليا ضمان تنسيق جهود الدول في مكافحة هذه الظواهر المعادية للإنسانية.

الحضور الكريم!

يجب الاعتراف بأن التعامل الناجح لأي ظاهرة سيئة تتوقف على فهم محتواها وملابساتها وخصائصها المحددة ، وسببها وحساسيتها ، والتدابير المختلفة المتخذة حيال ذلك.

كما أنه لضمان حماية الحدود والهيكل الدستوري والتنمية المنظمة للدول ، فإن التعاون الحقيقي والشفاف في مكافحة الإرهاب والتطرف ضروري وهو يصبّ لمصلحة جميع الأطراف.

ومن المهم للغاية لطاجيكستان ضمان حماية موثوقة لحدود الدولة وإيجاد فرص لتعزيزها.

إن طاجيكستان وأفغانستان يربطهما خط حدودي طوله 1400 يمر عبر المناطق الجبلية المعقدة مما يشكل حوالي ستين (60) بالمائة من حدود دول آسيا الوسطى مع هذا البلد.

وفي مثل هذه الظروف ، نتخذ الإجراءات اللازمة لتعزيز الحدود، وعلى مدى العامين الماضيين قمنا ببناء وتشغيل أكثر من 175 منشأة حدودية.

والجدير بالذكر أنه يجري في الوقت الراهن بناء ثلاثين (30) منشأة أخرى، ونحن بحاجة إلى بناء ثلاثمائة (300) منشأة حدودية إضافية في المستقبل.

وفي هذا الصدد، من الضروري بذل جهود عاجلة لتنفيذ مبادرة طاجيكستان – وهو مفهوم "الحزام الأمني" حول أفغانستان من أجل منع والحد من عواقب الأخطار والتهديدات.

المشاركون المحترمون،

من أجل منع نشاط الإرهابيين ، يجب على الدول أن تقوم عند حماية الحدود بتنفيذ تدابير الرقابة وفقًا للالتزامات وفي إطار القانون الدولي.

وفي الوقت الحاضر، نلاحظ أن الإرهابيين والمتطرفين يستفيدون بشكل جيد من مسميّات "اللاجئ" و "طالب اللجوء" ويستغلون ثقة الدول الأكثر تقدمًا.

فمن هذا المنطلق، من الضروري النظر إلى القيم الإنسانية وحقوق الإنسان بمعزل عن الإرهاب والتطرف، وعدم منح اللجوء للأشخاص المتورطين في ارتكاب أعمال إرهابية والذين تمت إدانتهم، ويجب القبض على هؤلاء الأشخاص ومحاسبتهم على الفور.

إن ضمان أمن الحدود الموثوق به يعد أمرًا بالغ الأهمية لمنع تهديد الإرهابيين والمتطرفين عبر الحدود البرية والجوية والبحرية.

ويجب التأكيد على أن الكفاح الفعال ضد الظواهر المدمرة الحديثة يتطلب اتخاذ تدابير جماعية.

لهذا الغرض، فإن جمهورية طاجيكستان قد أقامت تعاونًا مثمراً مع العديد من المنظمات الإقليمية والدولية، بما في ذلك الاتحاد الأوروبي والوكالات المتخصصة التابعة للأمم المتحدة ومنظمة الأمن والتعاون في أوروبا والبلدان المانحة مثل اليابان والولايات المتحدة الأمريكية والصين وروسيا في إطار المشاريع المختلفة المتعلقة بإدارة الحدود.

ونظرًا للتطور السريع للتكنولوجيا في مجال إدارة الحدود، فإن هناك حاجة اليوم إلى تزويد سلطات مراقبة الحدود بالتقنيات الحديثة للكشف السريع والحد من محاولات الجماعات الإرهابية والمتطرفة التي تنوي اختراق نظام حدود الدولة.

ويتطلب تنفيذ هذه الخطة دراسة تجربة البلدان المتقدمة والإدخال التدريجي للمعايير الدولية الرائدة في إدارة حدود الدولة.

ومن هذا المنطلق، يعتبر توافر الوسائل المتطورة تكنولوجياً والموثوقة في هذا الاتجاه إحدى المهام الرئيسية للحرب الدولية المشتركة على الإرهاب.

وإني أتطلع إلى أن نطاق تعاون طاجيكستان في هذا الاتجاه المهم سيتسع بشكل أكبر في المستقبل القريب.

ومن الضروري أن نتعاون بشكل وثيق من أجل زيادة مستوى الوعي والمعرفة وتعزيز قدرة الدول على مكافحة الإرهاب وفق الآليات القائمة.

مع أطيب تمنياتي لجميع المشاركين في المؤتمر بالنجاح في إيجاد حلول لإيجاد عالم خال من الإرهاب والتطرف، أود أن أعرب مرة أخرى عن امتناني لزيارتكم إلى طاجيكستان.

شكرا لحسن استماعكم!

facebook
twitter
 
استمرار
 
استمرار
استمرار
رسالة إلى رئيس جمهورية تاجيكستان
وفقا للمادة 21 من قانون جمهورية طاجيكستان "بشأن طلبات الأفراد والكيانات الاعتبارية"، إذا ما ذكر عنوان اللقب أو الاسم أو الاسم العائلي أو الاسم الكامل أو مكان الإقامة وعنوان موقعه، او قدم خطاء وكذلك دون توقيع، تعتبر مجهولة الهوية ولن تتطرق فيها، و إذا ما لم تكن لديها معلومات عن التحضير لجريمة أو جريمة التي ما ارتكبت فيها.
Image CAPTCHA
الصحافة والإعلام لرئاسة جمهورية طاجيكستان
تلفون/ فاكس.: ٢٢١٢٥٢٠ (٩٩٢٣٧